أثار إعلان حكومة السودان قطع علاقاتها الدبلوماسية مع جارتها الغربية تشاد بعد إخفاق الهجوم الذي شنته حركة العدل والمساواة الدارفورية على مدينة أم درمان القريبة من العاصمة الخرطوم، موجة من التعليقات والتحليلات في كبرى الصحف الأميركية الصادرة صباح الاثنين.
" الأحداث الأخيرة تبدو في بعض جوانبها على الأقل انتقاما من حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان على دعمه للمتمردين في تشاد " كريستيان ساينس مونيتور | انتقام الجار أشارت صحيفة ذي كريستيان ساينس مونيتور نقلا عن محللين إلى أن الهجوم الذي تعرضت له أم درمان يوم السبت يكشف مدى هشاشة الحكومة السودانية, لكنه يعطي الخرطوم ذريعة لتكثيف هجماتها في دارفور, ويزيد من احتمال اندلاع حرب حدودية بين تشاد والسودان حيث يتهم كل طرف الآخر باستغلال المتمردين كمقاتلين بالوكالة.ونسبت الصحيفة إلى صالح محمود عثمان –وهو عضو في البرلمان السوداني من دارفور- القول إن الهجوم الأخير منح الخرطوم الآن الغطاء السياسي الذي تحتاجه لزيادة هجماتها في دارفور ومن ثم تعطيل الانتخابات. وأضاف عثمان أن الحكومة "أنحت بالفعل باللائمة على تشاد, وألقت القبض على عدد من الأشخاص, ويمكنها أن تقول إن البلاد تتعرض لتهديد خارجي". ويرى مسؤول بإحدى منظمات العمل الإنساني العاملة في دارفور أن الأحداث الأخيرة تبدو في بعض جوانبها على الأقل انتقاما من حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان على دعمه للمتمردين في تشاد الذين كادوا يطيحون بالحكومة هناك في فبراير/شباط الماضي. واعتبرت الصحيفة أن اقتراب موسم الأمطار شكّل إحدى الفرص الأخيرة السانحة أمام حركة العدل والمساواة لتعزيز موقفها قبل أن تخلد إلى فترة استراحة في الأشهر القليلة القادمة.
مجرد مناورة
" أراد المتمردون بالهجوم توجيه صفعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم, ثم يعقدون صفقة لتقاسم السلطة معه بمنأى عن فصائل دارفور الأخرى " نيويورك تايمز | وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن السؤال الذي يردده كثير من الناس هو "فيما كان المتمردون يفكرون"؟وذكرت أن هجمات المتمردين ظلت طوال سنوات القتال الماضية مقصورة على المواقع الحكومية في دارفور، ولم يحاولوا قط غزو العاصمة التي استثنيت من فوضى الصراعات الدائرة في مناطق السودان المهمشة. وعزت الصحيفة ذلك إلى قيام الحكومة المركزية باستغلال عائدات النفط والسلاح الصيني في بناء قوة دفاعية هائلة. وتساءل ديفد موزيرسكي -الباحث في الشؤون السودانية بمجموعة الأزمات الدولية– عن الهدف الذي تنشده حركة العدل والمساواة من الهجوم. ويجيب هو نفسه على ذلك بالقول إن من العسير تصور أنهم كانوا يعتقدون بإمكانية الاستيلاء على العاصمة بخمسين إلى مائة سيارة. وتنقل الصحيفة عن جون بريندرغاست –مؤسس مشروع إينف (كفى) الذي يشن حملات ضد الإبادة الجماعية– اعتقاده أن هجوم السبت لم يكن سوى مناورة لكسب النفوذ. وبرأيه فإن المتمردين أرادوا "توجيه صفعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم, ثم يعقدون صفقة لتقاسم السلطة معه بمنأى عن فصائل دارفور الأخرى". ومضى بريندرغاست إلى القول "نحن إزاء فصل يتواصل فيه إلى حد ما الصراع الداخلي بين الفصائل الإسلامية" في إشارة منه إلى أن كلا من العدل والمساواة المتمردة في دارفور ومسؤولي الحكومة السودانية تجمع بينهم أجندة إسلامية رغم أنهم أعداء ألداء. الدور الليبي من جانبها, نقلت صحيفة واشنطن بوست عن محللين سياسيين قولهم إن ثمة مصالح عديدة ينطوي عليها هجوم السبت وكلها ذات تأثير، قد تغير على الأرجح مسار التوصل إلى تسوية لوضع حد لأزمة إقليم دارفور. فهنالك -كما تقول الصحيفة– العامل التشادي, حيث يمثل هجوم حركة العدل والمساواة المدعومة من تشاد وليبيا نوعا من الانتقام للحكومة التشادية, التي اتهمت السودان بالوقوف إلى جانب المتمردين في هجوم مماثل استهدف العاصمة إنجمينا في وقت سابق من العام الحالي.
" قد تكون ليبيا بدعمها لحركة العدل والمساواة تريد الثأر لنفسها من التجاهل الذي أبدته الخرطوم تجاهها في الآونة الأخيرة " بريندرغاست/واشنطن بوست
| وهناك دوافع حركة العدل والمساواة, فعلى الرغم من زعم قادتها أن الهجوم كان محاولة لقلب نظام الحكم الذي "أذاق الدارفوريين الأمرين" فإن محللين استشهدت الصحيفة بأقوالهم يرجحون أن الغاية منه دفع المسؤولين السودانيين للتفاوض مباشرة مع الحركة المتمردة.وخلصت واشنطن بوست إلى القول على لسان الباحث جون بريندرغاست نفسه إن ليبيا هي العامل المجهول الذي لا يمكن التنبؤ به في هذه الأزمة. وبحسب الباحث قد تكون ليبيا –التي اتسمت علاقاتها تاريخيا مع السودان بالتوتر- تريد بدعمها لحركة العدل والمساواة الثأر لنفسها من التجاهل الذي أبدته الخرطوم تجاهها في الآونة الأخيرة. وأضاف بريندرغاست أن الغزو هو بمثابة "التقاء مصالح مثالي بين حركة العدل والمساواة وليبيا وتشاد".
|