بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
1
((وَيْلٌ))، هي كلمة تقال بمعنى سوء الحال، أي أن سوء الحال ((لِّلْمُطَفِّفِينَ))، و"التطفيف" هو نقص الكيل والميزان.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
2
ثم فسره سبحانه بقوله: ((الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ))، أي كالوا ما على الناس ليأخذوه لأنفسهم، كما لو دفعوا مالاً لاشتراء من من الحنطة، فإذا كالوها ((يَسْتَوْفُونَ))، أي يأخذون بمقدار حقهم وافياً، ولما كان الكيل والوزن من جنس واحد اكتفى بأحدهما عن ذكرا الآخر.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
3
((وَإِذَا كَالُوهُمْ))، أي كالوا لهم ((أَو وَّزَنُوهُمْ)) أي وزنوا لهم بأن أرادوا بيع من من الحنطة مثلاً للناس، وقبض الثمن لأنفسهم ((يُخْسِرُونَ))، أي ينقصون فيما يعطون، فمثلاً ينقصون من المن حقه، ولا يخفى أن العمل الأول ليس محرماً، وإنما يكون بشعاً إذا قيس بالعمل الثاني، كما أن إطراء الناس في وجههم ليس محرماً، ولكن إذا ضم إلى ذمهم في قفاهم صار بشعاً، وسمي الفاعل لذلك ذا لسانين، وكان له يوم القيامة لسانان من نار كما ورد.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
4
((أَلَا يَظُنُّ))، والإتيان بلفظ الظن لإفادة أن مجرد الظن كاف في الانقلاع فكيف بالعلم، ((أُولَئِكَ)) المطففون ((أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ))
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
5
((لِيَوْمٍ عَظِيمٍ))، أي يبعثون في يوم القيامة الذي يحاسب فيه كل إنسان بما عمل؟
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
6
وهو ((يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ)) عن قبورهم ((لِرَبِّ الْعَالَمِينَ))، أي لحسابه وجزائه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
7
((كَلَّا))، ليس الأمر على ما زعمتم من أنه لا حساب ولا جزاء، بل هناك يجازي كل إنسان بما عمل، فـ((إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ))، جمع فاجر، وهو العاصي لله سبحانه سواء كان بالكفر أو الإثم، والمراد بكتابهم ما أدرج فيه أسماؤهم وخصوصياتهم، ((لَفِي سِجِّينٍ))، وهو السجن على جهة التخليد فيه، يعني أنه قرر لهم السجن الأبدي، وهكذا سجل أسماؤهم بأنهم في هناك كما تقول: "كتاب فلان في المجرمين،" أي أنه كتب مجرماً في صمن سائر المجرمين.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
8
ثم جاء السياق لتهويل أمر سجين بقوله: ((وَمَا أَدْرَاكَ)) أيها الإنسان أو يا رسول الله ((مَا سِجِّينٌ))؟ فما أعلمك به؟ بل أنتم لا تدرون به.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
9
إنما هو ((كِتَابٌ مَّرْقُومٌ))، قد رقم وكتب وفرغ منه، فلا يمكن تبديله وتغييره بأن يمحى اسم الفاجر منه، ليدرج في كتاب الأبرار.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
10
((وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ))، أي يوم القيامة ((لِّلْمُكَذِّبِينَ)).
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
11
ثم حدد معنى المكذبين والمراد بهم بقوله: ((الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ))، أي يوم القيامة، فإن الدين بمعنى الجزاء، والتكذيب بيوم القيامة يلازم التكذيب بسائر الأصول.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
12
((وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ))، أي بيوم القيامة ((إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ)) يعتدي ويظلم ويتجاوز عن الحد، ((أَثِيمٍ)) يأثم ويعصي في كثرة، ويبالغ في الاعتداء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
13
((إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ))، أي تُقرأ على ذلك المعتدي ((آيَاتُنَا)) الدالة على الألوهية والتوحيد وسائر الأصول، أو المراد بها القرآن ((قَالَ)) هذه التي تتلونها هي ((أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ))، حكاياتهم وكلماتهم الخرافية، جمع "أسطورة"، وهي القصة الخيالية التي لا حقيقة لها، وفي هذا اليوم يسمون الدين "رجعية"، عبارة أخرى عن "أساطير الأولين".
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
14
((كَلَّا)) ليس الآيات أساطير، ((بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم))، "الرين" في الأصل بمعنى الغلبة، أي غلب عليها ((مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) من الذنوب والآثام حتى أن عصيانهم سبب أن يتحجر قلبهم، فلا يرون الحق إلا باطلاً والآيات إلا أساطير، قال الصادق (عليه السلام): "يصدا القلب، فإذا ذكرته بالله انجلى."
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
15
((كَلَّا)) لا يبقى هؤلاء في خير ونعيم إلى الأبد كما يظن الكفار بأنهم هناك أيضاً يحظون بكرامة الله وإحسانه قائلين (ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا)، ((إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ))، أي عن لطفه ورحمته ((يَوْمَئِذٍ))، أي في يوم القيامة ((لَّمَحْجُوبُونَ))، أي ممنوعون، وهذا كما تقول: "حجبني فلان عن المَلِك،" أي منع لطفه عني.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
16
((ثُمَّ إِنَّهُمْ)) بعد أن حُجبوا عن فضل الله ولطفه ((لَصَالُوا الْجَحِيمِ))، أي داخلون فيها ملازمون لها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
17
((ثُمَّ يُقَالُ)) لهم بعد أن دخلوا الجحيم على وجه التقريع والتوبيخ: ((هَذَا الَّذِي)) ذقتموه من العذاب والنكال ((كُنتُم بِهِ)) في الدنيا ((تُكَذِّبُونَ))، وتقولون: لا جنة ولا نار ولا حساب ولا جزاء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
18
((كَلَّا)) ليس الأمر كما زعمتم من أنكم أهل كرامة الله، وأن الكرامة ليست لكم، وإنما هي للأبرار، ((إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ))، أي الكتاب الذي أدرج فيه أسماؤهم وعُيّن فيه مقاماتهم، و"أبرار" جمع بر، وهو المحسن عقيدة وعملاً، ((لَفِي عِلِّيِّينَ))، أي مراتب عالية، فإنهم مكتوبون في سجلهم أن مقامهم هناك.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
19
ثم جاء السياق لتعظيم مقامهم بقوله: ((وَمَا أَدْرَاكَ)) أيها الإنسان أو يا رسول الله ((مَا)) هي ((عِلِّيُّونَ))؟
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
20
إنه((كِتَابٌ مَّرْقُومٌ)) قد رُقّم وسُجّل فلا يمحى عنه أسماء الأبرار.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
21
((يَشْهَدُهُ))، أي يعرفه ويعلم مزاياه ((الْمُقَرَّبُونَ))، أي الملائكة المقربون، وفي ذلك كرامة أخرى للأبرار، لأن الإنسان يجب أن يطلع الناس وغيرهم على أعماله الحسنة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
22
ثم جاء السياق يعين مكان الأبرار الذين كتب في كتابهم أنهم في عليين، ((إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ)) في الملاذ والمشتهيات.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
23
وهم جالسون ((عَلَى الْأَرَائِكِ))، جمع أريكة، وهي كرسي العروس الذي تجلس عليه، ((يَنظُرُونَ)) إلى هنا وهناك ليتلذذوا بالنظر كما التذوا بسائر أنواع الحواس.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المطففين
24
((تَعْرِفُ)) أيها الإنسان إذا نظرت إلى أولئك الأبرار ((فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ))، أي بريقه وحسنه وجماله، فإن الإنسان الذي في نعمة وراحة يظهر على وجهه بريق ولمعان ونضارة.