***
في بعض الأحيان عندما ينتقد أحدنا رأياً سمعه أو قرأه منسوباً إلى شخص له مكانته العلمية أو الاجتماعية، يُبادر إلى قول: «إني أستغرب كيف يصدر مثل هذا الرأي القاصر عن فلان وهو من هو في علمه وعقله و... و... إلخ»، وهذه العبارة النقدية هي من العبارات الشائعة بيننا، وسواء كنا نقولها صادقين أو ننشد بها التخفيف من حدة نقدنا، هي في الواقع تفيد الجزم الذي لا يعتريه شك بصواب نقدنا للرأي الذي لم يعجبنا.
إننا في معظم الحالات نعتمد في إصدار أحكامنا على معايير نقرها نحن ونجعلها هي المرجع الذي نحتكم إليه ونريد غيرنا أن يحتكم إليه أيضاً، وهذه المعايير غالباً يُشكلها ذوقنا الخاص ودرجة وعينا وإدراكنا وخبراتنا وثقافتنا بشكل عام، ولذلك هي معايير تختلف من فرد لآخر ومن جماعة لأخرى، ومن هنا تكون سبباً لاختلاف الناس حول الحكم على الآراء المتعددة.
فما الذي يجعلنا واثقين من صواب ما نقول وضلال غيره؟ لم لا يُساورنا الشك في أن حكمنا على الرأي قد يكون غير صحيح وأن ما ننقده منه قد يكون له وجه من الصواب حتى وإن لم يعجبنا؟ هل لدينا من المعايير الثابتة الصادقة ما يُولّد تلك الثقة في نفوسنا ويجعلنا لا نتردد في تخطئة الآخر ؟
أن لا يعجبك الرأي الآخر، هو أمر مقبول ومن حقك أن تقول لا يعجبني ذلك الرأي، لكن ما ليس من حقك هو أن تسفه الرأي الذي لا يُعجبك أو تسخر من صاحبه كونه يُخالفك الرؤية.
هل يوجد معيار واضح ومحدد ومشترك بين الجميع يُمكن أن تقاس به الآراء ويُحكم عليها وفقاً له بالصحة أو السقم؟ ما الذي يجعلنا نقول عن رأي ما إنه (عين الصواب) وعن غيره (إنه باطل)؟
بكل الشوق انتظر مروركم و بكل الحب اتقبل اراءكم
و دائما لكم منى كل التحيه و التقدير
***