أخي القارئ .. هل تعتقد أننا بداية استفدنا من (تكنولوجية الإنترنت) ولكن السؤال .. ماهي درجة هذه الأستفاده وماهو العائد منها .. ولكن أقول بداية مره أخري أنه
لم يدر في خلد الأمريكي «تشاد هولي» وهو يصور حفل العشاء مع أصدقائه منتصف 2005 أن عرضه على شبكة الإنترنت سيقوده إلى تأسيس مملكة «YouTube» يقصدها ملايين الزوار يوميا دون جوازات سفر فضلا عن رؤساء الدول، ولم يعتقد يوما «مارك زوكربيرج» ذو الأربعة والعشرين عاما أن موقعا دشنه للتواصل مع طلاب جامعته سيصبح إمبراطورية تقدر بملايين الدولارات وتحتفي بعضوية أكثر من 50 مليون مستخدم تحت شعار «Face Book»، وقس على أفكار أخرى أصبحت تشكل أساسيات في حياتنا المعرفية كالعم جوجل وياهو والهوتميل...
ثورة الإنترنت لم تقف عند مرحلة التصفح وماذا تحفظ في المفضلة، إذ تجاوزتها لتعلن عن حقبة إعلامية تراهن على عنصر واحد في نجاحها جعلها تحسن توجيه البوصلة نحو تفاعل المستخدم وليس مجرد قراءته وتصفحه، الأمر الذي حدا بمؤرخي الإعلام إلى اتخاذ مصطلح «الإعلام الجديد» وصفا لهذه المرحلة، أو بمعنى أدق: مابعد مرحلة الفضائيات والورق والوسائط المتعددة.
مشكلتنا مع «الإعلام الجديد» تكمن في صيغة التعالي من جهة والانغماس اللامشروط من جهة أخرى، مع شيء من انعكاس سلوكنا الاجتماعي على تعاملنا مع الأشكال الإعلامية الجديدة، في حلقة تكرارية تؤكد على اهتمامنا بالتفاصيل بعيدا عن طرح المبادرات أو الأفكار الخلاقة، وجولة واحدة في التقنيات التفاعلية على شبكة الإنترنت تعطينا دلالة على طبيعة الاهتمامات المطروحة أو المتداولة، فمواقع التواصل الاجتماعي يبتكر فيها الشاب تقنيات التقرب والترقيم وفرض الذات المسلوبة، والمنتديات الحوارية يرتهن فيها الكاتب إلى ترسانة الاسم المستعار ليصول ويجول في أعراض الآخرين، ومواقع البحث تحتفظ بنسب عالية للكلمات الدلالية المنشودة من نحو «فضائح»، وصحافتنا الإلكترونية تشكو إلى سيبويه ضعف الحيلة وطبخ الأخبار في فرن «مايكرويف»، والصيغة التفاعلية أصبحت تراشقا لفظيا وعرقيا لايمت إلى أدبيات التفاعل بصلة.
الواقع يقول: إن ثورة ما بعد الفضائيات تكتسحنا ومازال تعاطينا معها «مكانك سر»، والواقع نفسه يشير إلى أن عقولنا عقمت عن ابتكار تقنيات تفاعلية ولو في مجالات سطحية، فنحن مبدعون في الاستنساخ وتعريب الأفكار بغض النظر عن تعاملنا التفاعلي معها، لكن أن نأتي بجديد فتلك وظيفة غيرنا.
حقبة الإعلام الجديد تمر في أوج عطائها الجماهيري، ولئلا تكون عابرة هانحن نتساءل: أين موقعنا الجغرافي في خارطة الإعلام الجديد.. مستهلكون أم منتجون؟.. هذا ماوددت طرحه على أنظاركم من باب التذكير وأخذ مالديكم من رأى حيال ماأشرت أليه أعلاه .. ودمتم بحفظ الرحمن...