العقرب الاسود مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 1417 العمر : 30 دعاء : السٌّمعَة : 4 نقاط : 75 تاريخ التسجيل : 20/09/2007
| موضوع: روائع من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الخميس مايو 15, 2008 6:14 pm | |
| قال الماوردي – رحمه الله – في ذكر خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم وفضائله وشرف أخلاقه وشمائله المؤيدة لنبوته والمبرهنة على عموم رسالته :- (( فالكمال المعتبر في البشر من أربعة أوجه : كمال الخلق وكمال الخلق وفضائل الأقوال وفضائل الأعمال 0
فأما الوجه الأول :- في كمال خلقه بعد اعتدال صورته فيكون بأربعة أوصاف ,, أحدها – السكينة الباعثة على الهيبة والتعظيم الداعية الى التقديم والتسليم ,, وكان أعظم مهيب في النفوس حتى ارتاعت رسل كسرى من هيبته حين أتوه مع ارتياعهم بصولة الأكاسرة ومكاثرة الملوك الجبابرة فكان صلى الله عليه وسلم في نفوسهم أهيب وفي عيونهم أعظم وان لم يتعاظم بأهبة ولم يتطاول بسطوة بل كان بالتواضع موصوفا وبالوطأة ( أي السهولة ) معروفا 0
والثاني :- في الطلاقة الموجبة للاخلاص والمحبة والباعثة على المصافاة والمودة وقد كان صلوات الله وسلامه عليه محبوبا استحكمت طلاقته في النفوس حتى لم يقله مصاحب ولم يتباعد عنه مقارب وكان أحب الى أصحابه من الآباء والأبناء وشرب الماء البارد على الظمأ 0
والثالث :- حسن القبول الجالب لممايلة القلوب حتى تسرع الى طاعته وتذعن بموافقته وقد كان قبول منظره صلى الله عليه وسلم مستوليا على القلوب ولذلك استحكمت مصاحبته في النفوس حتى لم ينفر منه معاند ولا استوحش منه مباعد الا من ساقه الحسد الى شقوته وقاده الحرمان الى مخالفته 0
والرابع :- ميل النفوس الى متابعته وانقيادها لموافقته وثباته على الشدائد ومصابرته فما شذ عنه معها من أخلص ولا ند عنه فيها من تصبر 0
وهذه الأربعة من دواعي السعادة وقوانين الرسالة وقد تكاملت فيه فكمل لما يوازيها واستحق ما يقتضيها 0
يتبع .............................
| |
|
العقرب الاسود مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 1417 العمر : 30 دعاء : السٌّمعَة : 4 نقاط : 75 تاريخ التسجيل : 20/09/2007
| موضوع: رد: روائع من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الخميس مايو 15, 2008 6:15 pm | |
| وأما الوجه الثاني في كمال أخلاقه فيكون بست خصال :-
إحداهن :- رجاحة عقله وصحة همته وصدق فراسته وقد دل على وفور ذلك فيه صحة رأيه وصواب تدبيره وحسن تألفه وأنه ما استغل في مكيدة ولا استعجز في شديدة بل كان يلحظ الإعجاز في المبادئ فيكشف عيوبها ويحل خطوبها وهذا لا ينتظم إلا بأصدق هم وأوضح جزم 0
والخصلة الثانية :- ثباته في الشدائد وهو مطلوب وصبره على البأساء والضراء وهو مكروب ومحروب ونفسه في اختلاف الأحوال ساكنة لا يخور في شديدة ولا يستكين لعظيمة وقد لقي بمكة من قريش ما يشيب النواصي ويهد الصياصي وهو مع الضعف يصابر صبر المستعلي ويثبت ثبات المستولي 0
والخصلة الثالثة :- زهده في الدنيا وإعراضه عنها وقناعته بالبلاغ منها فلم يمل إلى غضارتها ولم يله لحلاوتها وقد ملك من أقصى الحجاز إلى نهاية العراق ومن أقصى اليمن إلى آخر عمان وهو أزهد الناس فيما يقتنى ويدخر وأعرضهم عما يستفاد ويحتكر لم يخلف عينا ولا دينارا ولا حفر نهرا ولا شيد قصرا ولم يورث ولده وأهله متاعا ولا مالا ليصرفهم عن الرغبة في الدنيا كما صرف نفسه عنها فيكونوا على مثل حاله في الزهد فيها 0 وحقيق بمن كان في الدنيا بهذه الزهادة حتى اجتذب أصحابه إليها أن لا يتهم بطلبها ويكذب على الله تعالى في ادعاء الآخرة ويقنع في العاجل وقد سلب الآجل بالميسور النزر ورضي بالعيش الكدر 0
والخصلة الرابعة :- تواضعه للناس وهم أتباع وخفض جناحه لهم وهو مطاع يمشي في الأسواق ويجلس على التراب ويمتزج بأصحابه وجلسائه فلا يتميز عنهم إلا بإطراقه وحيائه فصار بالتواضع متميزا وبالتذلل متعززا 0 ولقد دخل عليه بعض الأعراب فارتاع من هيبته فقال :- (( خفض عليك فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة )) وهذا من شرف أخلاقه وكريم شيمه صلى الله عليه وسلم فهي غريزة فطر عليها وجبلة طبع بها لم تندر فتعد ولم تحصر فتحد0
والخصلة الخامسة :– حلمه ووقاره عن طيش يهزه أو خرق يستفزه فقد كان أحلم في الغضب من كل حليم وأسلم في الخصام من كل سليم وقد مني بجفوة الأعراب فلم يوجد منه نادرة ولم يحفظ عليه بادرة ولا حليم غيره إلا ذو عثرة ولا وقور سواه إلا ذو هفوة فان الله تعالى عصمه من نزع الهوى وطيش القدرة لهفوة أو عثرة ليكون بأمته رؤوفا وعلى الخلق عطوفا قد تناولته قريش بكل كبيرة وقصدته بكل جريرة وهو صبور عليهم ومعرض عنهم 0 وما تفرد بذلك سفهاؤهم عن حلمائهم ولا أراذلهم دون عظمائهم بل تملأ عليه الجلة والدون فكلما كانوا عليه من الأمر ألح كان عنهم أعرض وأصفح حتى قهر فعفا وقدر فغفر وقال لهم حين ظفر بهم عام الفتح وقد اجتمعوا إليه :- (( ما ظنكم بي ؟؟؟ )) قالوا :- ابن عم كريم فان تعف فذاك الظن بك وان تنتقم فقد أسأنا فقال :- (( بل أقول كما قال يوسف لأخوته (( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )) وقال :- (( اللهم قد أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرهم نوالا )) وأتته هند بنت عتبة وقد بقرت بطن حمزة ولاكت كبده فصفح عنها 0 فان قيل فقد ضرب رقاب بني قريظة صبرا في يوم واحد وهم نحو سبعمائة فأين موضع الصفح والعفو ؟؟ قيل :- إنما فعل ذلك في حقوق الله تعالى وقد كانت بنو قريظة رضوا بتحكيم سعد بن معاذ فحكم أن من جرت عليه الموت قتل ومن لم تجر عليه استرق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (( هذا حكم الله من فوق سبعة أرقعة )) فلم يجز أن يعفو عن حق وجب لله تعالى عليهم وإنما يختص عفوه بحق نفسه 0
والخصلة السادسة :- حفظه للعهد ووفاؤه بالوعد فانه ما نقض لمحافظ عهدا ولا أخلف لمراقب وعدا يرى الغد من كبائر الذنوب والإخلاف من مساوئ الشيم فيلتزم فيها الأغلظ ويرتكب فيها الأصعب حفظا لعهد ووفاء بوعده حتى يبتدئ معاهدوه بنقضه فيجعل الله تعالى له مخرجا كفعل اليهود من بني قريظة وبني الضير وكفعل قريش بصلح الحديبية فيجعل الله تعالى له في نكثهم الخيرة 0
فهذه ست خصال تكاملت ي خلقه صلى الله عليه وسلم فضله الله تعالى على جميع خلقه . | |
|