غزة- منتديات احلى- "احضنيني يا هناء وأنت يا ردينة أغيثوني فإن شفتاي وقلبي ينزفون دماً وأشعر برأسي يودع جسدي والحياة، فهل من مغيث يا إلهي الشمس اشرقت بدم, وأمي الجريحة أمامي ستودعنا جملة واحدة "كلمات لم ينطقها مسعد أبو معتق ثمانية شهور بل شعر بها قبل أن تصير إلى لسانه حروفاً وجمل وصرخات استغاثة.
"جريمة" صباحية في يوم دام بدأ بصرخات الأطفال الذين لم يجدوا مغيثاً سوى نيران القذيفة الإسرائيلية على مائدة الإفطار، قتلتهم فبأي ذنب، أحالتهم طعاماً لشبح الموت، كانوا سيأكلون آخر لقيمات من الحياة وتودع أكبرهم أصغرهم بقبلة وتغادر إلى المدرسة فكان.. الموت.
مسعد طفلها وصالح اربع سنوات وهناء ثلاث وردينة أكبرهم ست سنوات وبالطبع الأم "المغدورة" المقتولة بدماء اطفالها خضرة أبو معتق في الاربعينات من العمر، لم يبق لها من الحياة سوى طفلتين شيماء وأسماء جريحتان تعانيان آلام المشهد الدامي.
بيض وقليل من الحليب والشاي وكسيرات خبز وحصيرة صغيرة اختطلت كلها بالدماء فشظايا القذيفة المدفعية التي سقطت وسط دائرتهم الصغيرة تناثرت لتقلع قلب مسعد وتخترق بطني شقيقتيه وتأخذ صالح إلى مكان سمع عنه "القبر" أما الام "الحنون" فقد نالت نصيب الأسد وتموت بدءاً سريريا ثم تستشهد كي لا تعاني ألم الفراق لأطفالها الأربع.
مشهد يقترب من "جريمة" نالت من عائلة العثامنة في بلدة بيت حانون، المكان قريب من ذات المكان، عزبة بيت حانون أرض زراعية بشوارع ترابية متواضعة وبيت صغير متهالك ضم الأطفال الستة ووالدتهم وعلى الطعام كانت لحظات الوداع.
الوالد الضعيف المسن أحمد أبو معتق والد شهيد بالسابق أسمى طفله مسعد بعد أن فقد مسعداً خلال قصف اسرائيلي العام الماضي وهذا العام كان على موعد مع "جريمة" اسرائيلية جديدة نالت من اطفاله الأربعة ضرب كفا بكف, وقال: "ستة من اولادي وامهم (..) حسبي الله ونعم الوكيل هذا يوم أسود (..) قتلهم من لا يخاف الله سحقوا عائلتي بأكملها فأصبح بيتي خالياً".
كان لا يعلم أن طفلتيه شيماء وأسماء هما من تبقتا على قيد الحياة يعانين جراحا نازفة في إحدى مشافي المنطقة كما يعانين مشاهد الموت الذي انتشل امهم وأشقاءهم الأربعة "وغادر بيتهم منتشياً بالفاجعة".
بيت حانون البلدة الخضراء كانت على موعد في الخامسة والنصف من صباح اليوم الاثنين مع توغل اسرائيلي تركز في شارع السلطان عبد الحميد على الاطراف الشمالية للبلدة، وبدأ بتجريف اللوزيات في أراض شاسعة ثم بدأ اطلاق القذائف لتسقط اثنتان منها على اطراف منزل المواطن احمد أبو معتق والثالثة وسط أطفاله الذين كانوا يتناولون وجبة الإفطار.
التوغل بدأ قبل أن يستيقظ الاطفال للالتحاق بمدارسهم ودون ان يعلم الفتى أيوب عطا الله الذي كان يرافق صديقه معتصم سويلم في طريقهما إلى المدسة عندما سقطت قذيفة بجانبهما فقتلت ايوب وجرحت معتصم.
التوغل المتواصل والمعزز بآليات وطيران مروحي كثيف بالمنطقة قتل مقاوماً كان يحاول التصدي للآليات المتوغلة وحسب سرايا القدس فإن الشهيد ابراهيم حجوح 23 عاماً استشهد خلال اشتباكات مع القوات المتوغلة شمال شرقي البلدة.